الربا ومشكلة الفائدة:
تعريف: الزيادة أو التأجيل في أحد البدلين المتجانسين أو المشتركين في العلة(الطعام والنقود)
مراحل تحريمه: مر تحريم\ الربا في الشريعة الإسلامية بأربعة مراحل وفقا لمنهج الإسلام في التدرج:
المرحلة الأولى:- الإشارة الى أن الزكاة خير من الربا قوله تعالى:- " وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله وما آتيتم من الزكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون"[ الروم: 39 ] .
المرحلة الثانية:- قوله تعالى: الإشارة إلى أن الربا محرم عند من قبلنا - " فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيراً، وأخذهم الربا وقد نُهوا عنه ...". [ النساء : 160.
المرحلة الثالثة:- التلميح إلى حالة العرب في الجاهلية كيف كانوا يبالغون في أخذ أموال الناس يقول تعالى:- " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون "[ آل عمران : 130 –132 ] .
المرحلة والأخيرة :- وفي هذه المرحلة جاءت الآيات الكريمة بالحكم الشرعي:- " الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا ....يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون" [ البقرة : 275 – 279 ].
القواعد العامة لاستبعاد المبادلات الربوية:
القاعدة الأولى: في حالة تبادل شئ بجنسه أي طعام بطعام(قمح بقمح أو تمر بتمر) أو نقد بنقد (ذهب بذهب أو فضة بفضة) ..........يحرم التأجيل كما يحرم التفاضل
القاعدة الثانية: في حالة شيئين من نفس النوع وليس من نفس الجنس (كقمح بتمر أو ذهب بفضة) ........يجوز التفاضل ويحرم التأجيل.
القاعدة الثالثة: في حالة شيئين مختلفين في الجنس ومختلفين في العلة كالقمح بالنقود : فهنا يجوز كل شئ
تحليل وثيقة خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع
المناسبة والظروف: الزمن : ألقيت في التاسع من ذي الحجة يوم عرفة من السنة العاشرة هجرية :
الملخص: لقد كانت خطبة الوداع - التي تخللت شعائر الحج –لقاءً بين أمة ورسولها؛ كان لقاء توصية ووداع. توصيةَ رسول لأمته، لخص لهم فيه أحكام دينهم ومقاصده الأساسية في كلمة جامعة مانعة، خاطب بها صحابته والأجيال من بعدهم، بل خاطب البشرية عامة، بعد أن أدى الأمانة وبلَّغ الرسالة ونصح للأمة في أمر دينها ودنيها. لقد أنصتت الدنيا بأسرها - بلسان حالها ومقالها - لتسمع قوله صلى الله عليه وسلم وهو يُلخص لأمته - بل للبشرية جمعاء - مبادئ الرحمة والإنسانية، ويرسي لها دعائم السلم والسلام، ويقيم فيها أواصر المحبة والأخوة، ويغرس بأرضها روح التراحم والتعاون؛
تحليل نص الخطبة:
إنها خطبةٌ موجزة.. خطبةَ الوداع تلك.. ولكنها تضمنت الكثير من القيم والمبادئ والممارسات التي جاء الإسلام كي يزرعها في العالم فيحيي بها مواته، ويفجر العيونَ في صحرائه، ويحيل صحراءه المجدبة إلى حديقةٍ غناء يحيا في ظلالها الإنسان سعيداً متوحداً مطمئناً..
إن الرسولَ المعلمَ -صلى الله عليه وسلم- يعلن ها هنا حمايةَ العقيدة الجديدة لدم المسلم ومالهِ. يضع حولهما سياجاً من الحرمة والوقاية إلى يوم الحساب.. ومع حماية مال المسلمِ دعوةٌ لحماية أموال غيره من المسلمين.. إنه الحق العام الذي لن يضيع في حمايته أحد من الناس.. ومع حماية حقوق النفس والأموال مجابهةٌ صريحة للظلم الذي هو نقيضُ الحق.. وهل ثمة من ظلم كالربا والثأر مما غطى على جاهلية العرب من أقصاها إلى أقصاها.. ليس ثمة ربا ولا ثاراتٌ بعد اليوم. وإنه -صلى الله عليه وسلم- يبدأ كعادة الأنبياء والشهداء والصديقين بنفسه وأقربائه أولاً لكي يعطي الإشارة بالأسوة.. وليس بمجرد نظرياتٍ تطرح وكلماتٍ تُقال..
لقد جاء الإسلام لكي يستأصل عبادةَ الشيطان بصيغها الفاضحةِ المنكرةِ ويقضي على سطوته وهيمنتهِ على مقدرات الإنسان وسلوكه ومصيره.. ولكن تبقى ثغراتْ.. ومساربُ.. صغيرةٌ هنا وهناك، قد يعود لكي يتسلل منها مرة أخرى.. ويبدأ نشاطه من جديد، فرسول الله
-صلى الله عليه وسلم- يحذر المسلمين بألاّ يدعوا هذه الفرصة لخصمهم الأبدي .. إبليس.. وأن يقطعوا الطريق عليه ..
وثمة دعوةٌ مترعةٌ بالشفافية والرحمة والمحبة لحماية حق المرأة.. ووضعها في مكانها الكريم .. "إنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئاً وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله"!!
وثمة تأكيدٌ على ميراث النبوة العظيم الذي سيتركه فيهم، فيمكنهم من مواصلة الحياة الوضيئة التي نقلهم إليها.. كتابِ الله وسنةِ رسوله.. شرط أن يعرفوا كيف يكون الالتزام.. والاعتصام.. وإلاّ فإنه الضياع..
وفي ختام خطبته المترعة بالإنسانية تلك يعلن الرسولُ عليه السلام أخوَّة المسلمين في كل زمان ومكان.. وتلك هي العلامةُ المميزةُ.. الفارقةُ.. للمجتمع الذي بعثه وصنعه الإسلامُ من قلب التمزق والتناحر والصراع. وتلك هي إرادةُ الله (لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ).